إقتصاد مصر

انتعاش السياحة في الصين يتحدى تباطؤ الإنفاق الاستهلاكي

في الوقت الذي يعاني فيه الإنفاق الاستهلاكي في الصين من تباطؤ ملحوظ، تسجل السياحة المحلية ارتفاعاً لافتاً، مما يدفع العديد من الشركات المحلية والعالمية إلى محاولة اقتناص حصة من هذا النشاط المتصاعد.

ففي مدينة داتونج، وبعد أن كانت تضم نُزلاً وحيداً لعشر سنوات، شهدت المدينة افتتاح 6 نُزل جديدة في عام واحد فقط، وفقاً لمؤسس نزل “فلاي باي نايت”، دانيال هوانج، الذي أوضح أن منشأته المؤلفة من 26 غرفة كانت محجوزة بالكامل خلال عطلة عيد العمال التي امتدت من الخميس إلى الإثنين.

وأشار هوانج إلى أن مشغلي الفنادق غير المعروفين رفعوا أسعارهم خلال العطلة إلى أكثر من 5 أضعاف، متجاوزين 1000 يوان (نحو 140 دولاراً) لليلة الواحدة، مدفوعين بارتفاع الإقبال السياحي خاصة للمواقع الثقافية.

ووفقاً لمؤسسة شركة “تشوزان” للاستشارات التسويقية في الصين، أشلي دودارينوك، فإن هذا الارتفاع في الاهتمام بالثقافة يعكس توجهاً لدى السياح الصينيين الشباب نحو الأنشطة المتحفية والثقافية.

وأضافت: “هذا يعني أن على العلامات التجارية، سواء الدولية أو المحلية، التعاون مع الرموز الثقافية للبقاء على اتصال مع المستهلك”.

وقد سجلت الصين أكثر من 314 مليون رحلة سياحية محلية خلال عطلة عيد العمال، بزيادة واضحة عن مستويات ما قبل الجائحة التي بلغت 195 مليون رحلة في عام 2019، حسب ما نقلته شبكة “سي إن بي سي” الإخبارية.

وأسهمت توسعة الحكومة للعطلات في دعم هذا الاتجاه، خاصة مع قلة أيام الإجازات المدفوعة التي تمنحها الشركات للموظفين.

وساعدت شبكة القطارات السريعة التي أنشأتها الصين في تسهيل الوصول إلى مدن أصغر مثل داتونج، حيث أصبح بإمكان المسافرين الوصول من بكين خلال أقل من ساعتين فقط، بدلاً من ست ساعات سابقاً، بتكلفة لا تتجاوز 20 دولاراً.

وشهدت الوجهات الريفية إقبالاً متزايداً، إذ ارتفعت الرحلات إليها بنسبة 20%، خاصة مع تنامي شعبية الإقامات ذات الطابع الزراعي، وسجلت مبيعات التجزئة نمواً بنسبة 6.3% خلال العطلة، فيما ارتفعت إيرادات السياحة بنسبة 8% إلى نحو 180.27 مليار يوان.

ووفقاً لاستبيان أجرته شركة الخدمات المالية “تي دي كاون”، تصدر السفر قائمة مجالات الإنفاق المتوقع زيادتها هذا العام، متقدماً على المواد الغذائية.

ورغم ذلك، تراجعت نسبة من قالوا إنهم خططوا للسفر في الأشهر الستة المقبلة مقارنة بالعام الماضي، في إشارة إلى استمرار بعض مظاهر التردد.

وفي حين لا تزال مبيعات التجزئة للسلع تتعافى ببطء بعد الجائحة، مسجلةً نمواً بنسبة 3.5% فقط العام الماضي، فقد شهد قطاع الخدمات، بما في ذلك السياحة والرياضة ورعاية الأطفال، نمواً أسرع بلغ 6.2%.

في الوقت ذاته، تكثف المدن الصينية جهودها لجذب الزوار من خلال عروض الواقع الافتراضي، والعروض الضوئية، واستخدام الطائرات المسيرة في توصيل الطعام، وحتى دعم التنزه عبر روبوتات.

وفي مثال حي، استقبلت مدينة تشنغدو، موطن الباندا الشهير، أكثر من 15.52 مليون زائر خلال العطلة، بزيادة سنوية بلغت 6.2%، وهو ما يعادل نحو ثلاثة أرباع سكان المدينة البالغ عددهم 21.4 مليون نسمة.

وأوضح هوانج أن النزل الذي يديره كان يستقبل غالبية ضيوفه من السياح الدوليين قبل الجائحة، وقد بدأت النسبة تتعافى لتصل إلى نحو 20% حالياً، في حين يتركز حضور الزوار المحليين خلال العطلات الرسمية.

وقد أسهم توسيع السياسات المعفاة من التأشيرات في تعزيز حركة السياحة الوافدة، إذ أصبح بإمكان مواطني أكثر من 50 دولة، من بينها الولايات المتحدة، وكندا، والمملكة المتحدة، دخول الصين دون تأشيرة لمدة 10 أيام، بينما يمكن لمواطني اليابان وكوريا الجنوبية وعدد من الدول الأوروبية البقاء لمدة تصل إلى 30 يوماً.

ووفقاً لبيانات موقع “هوستل وورلد”، ارتفع عدد السياح الوافدين إلى الصين خلال عطلة عيد العمال بأكثر من 40% مقارنة بالعام الماضي، وسجلت مدن مثل تشونجتشينغ ويانجشو وجويلين، قفزات ملحوظة في شعبيتها على حساب بكين وشنغهاي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى