كاثرين ثوربيك تكتب: هل تقود الحرب التجارية نحو هيمنة صينية في صناعة الروبوتات؟

روبوت ”يونيتري“ البشري الرائد “جي 1” منفصل تماماً عن المكونات الأمريكية
روّجت وسائل الإعلام الصينية المدعومة من الدولة، على مدى يقترب من عام لفكرة أن عصر الروبوتات الشبيهة بالبشر ما عاد منتظراً .. بل قد بدأ.
تجيد هذه الآلات وداعميها تقديم عروض مبهرة.
وقد برزت الروبوتات في المشهد، إذ أدت رقصة تقليدية في بث تلفزيوني واسع المشاهدة بمناسبة رأس السنة القمرية الجديدة على قناة “سي سي تي في” هذا العام.
وشاركت روبوتات في نصف ماراثون الشهر الماضي، كما يُزمع أن يتنافس ملاكمان روبوتيان في أول مواجهة بين آلات في العالم.
حتى أن قناة “فوكس نيوز” الأمريكية، التي تنأى عن الصين، أعجبتها حركات رياضة كونغ فو التي تؤديها الروبوتات.
حقيقة الأمر
وراء هذه الواجهة نجد بعض الثغرات: لقد أدى الراقصون عروضاً صُممت بعناية لبضع دقائق فقط، كما لم يكمل سوى أقل من ثلث 20 روبوتاً شاركوا في نصف الماراثون السباق الذي يبلغ طوله 21 كيلومتراً.
لقد ظهر مشككون بارزون، من رئيس مجلس إدارة مجموعة ”علي بابا القابضة“ جو تساي، إلى المستثمر ألين تشو، الذي صرّح بأن أكبر عملاء الروبوتات هم “شركات مملوكة للدولة تشتريها لتعرضها في مكاتب الاستقبال”.
روبوت “تسلا” يتعطل بسبب الصين
تسهل السخرية من مستقبل الروبوتات مع بداية ونهاية دورات الدعاية دون أن نداني تخيّلات كُتّاب ومنتجي أفلام الخيال العلمي على مر عقود، ونذكر في هذا السياق روبوت “سوفت بنك” السابق “بيبر”.
لطالما ثبت أن القيود التقنية التي تواجه محاولة هندسة الذكاء والوعي المكاني صعبة ومكلفة جداً.
ولطالما كان مسعى الصين لتكون رائدة عالمية في مجال الروبوت هدفاً سياسياً على مر عقد، لكن حدثت بعض التطورات هذا العام زادته إلحاحاً.
بغض النظر عن الدعاية، هناك الآن أدلة على أن الصين مستعدة لأخذ زمام المبادرة في تطوير ونشر هذه الروبوتات.
وينبغي أن يكون هذا المنعطف بمثابة جرس إنذار لواشنطن.
الروبوت والذكاء الاصطناعي
غذى الذكاء الاصطناعي جذوة طموحات البلاد التقنية، لكن الروبوتات الشبيهة بالبشر أثارت حماساً مماثلاً، كما أن هاتين الطفرتين التقنيتين تتكاملان.
وقد منحت الحرب التجارية بكين هدفاً جديداً لدفع عجلة الأتمتة.
تتشابه “يونتري روبوتيكس”، الشركة الناشئة التي تقود هذا التوجه الواسع، مع شركة “ديب سيك”، الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي. يقع مقر كلتا الشركتين في هانغجو، وكان رئيس “يونيتري” التنفيذي وانغ شينغ شينغ حاضراً في الصف الأمامي خلال اجتماع الرئيس شي جين بينج مع قادة التقنية في فبراير.
كما تتنافس “يونيتري” بشدة على الأسعار، إذ لا تتجاوز تكلفة عروضها جزءاً بسيطاً من تكلفة العروض في الولايات المتحدة.
وكما كان حال “ديب سيك”، جعلت “يونيتري” مكونات برامجها مفتوحة المصدر، ما يسمح لأي مخترع أو مهندس بأن يبرمج اعتماداً على تقنياتها.
دعم ورعاية حكوميان
حتى قبل الإنجازات الأخيرة لشركة ”يونتري“، فإن دعم الحكومة المستمر للقطاع كأولوية استراتيجية منح الصين مزايا عديدة.
بدأت بكين الاستثمار في الروبوتات لأول مرة كجزء من مبادرة “صنع في الصين 2025” التي أُعلن عنها قبل عشر سنوات، وأعادت منذ ذلك الحين تأكيد هذا الالتزام من خلال إطلاق استثمارات جديدة مدعومة من الدولة.
كما يدعم هذا القطاع سلاسل توريد التقنية المتقدمة للسيارات الكهربائية والبطاريات، ما يُسهّل الوصول إلى كثير من المكونات المستخدمة في الروبوتات.
وتهيمن المواهب الهندسية الهائلة على تلك الموجودة في الولايات المتحدة، حتى مع تفوق وادي السيليكون في مجال الرقائق والبرمجيات.
كما تقود الصين بهدوء الأبحاث، إذ استحوذت على 78% من جميع براءات اختراع الروبوتات على مدى العقدين الماضيين، مقارنةً مع 3% لأمريكا، وفقاً لمذكرة من ”سيتي جروب“ العام الماضي.
تبعات حرب الرسوم
إن حالة عدم اليقين بسبب الحرب التجارية للرئيس دونالد ترامب ستُصعّب على شركات التقنية الأمريكية فرصة الحفاظ على قدرتها التنافسية، إذ يسيطر الموردون الصينيون الآن على معظم مكوناتها.
كما أن روبوت ”يونيتري“ البشري الرائد “جي 1” “منفصل تماماً عن المكونات الأمريكية”، وفقاً لتقرير فني حديث من شركة “سيمي أناليسز“.
يضيف التقرير أن الصين تفوقت على الولايات المتحدة في جميع المجالات المتعلقة بالروبوتات.
وهذا يشكّل تهديداً وجودياً، إذ قد يسمح للبلاد بتوفير عمالة بلا أجر على مدار الساعة، ما قد يُخفض تكاليف مجموعة متنوعة من الصادرات.
قد تتمكن الروبوتات الصينية من الرقص، لكنها لا تستطيع حتى الآن الحلول مكان البشر في مجموعة متنوعة من المهام أو في بيئات المصانع.
لكن صعود ”يونيتري“، التي أُنتجت في غضون تسع سنوات ما يصفه البعض بأنه الروبوت البشري الوحيد القابل للتسويق، يُذكرنا بأن العقود تمر سريعاً وأن أمريكا لا يمكنها تضييع وقتها على ما يشتت.
بقلم: كاثرين ثوربيك، كاتبة مقالات رأي لدى “بلومبرج”
المصدر: وكالة أنباء “بلومبرج”