إقتصاد مصر

مسح: انقسام حول مستقبل البورصة المصرية مدفوع بالفائدة وتنامى «عدم اليقين»

عززت حالة عدم اليقين والتوترات الجيوسياسية من الانقسام داخل مجتمع سوق المال المصرى؛ حيث يتوقع 59% من الاقتصاديين أن يشهد العام الجارى ارتفاع مؤشرات البورصة المصرية إلى مستويات قياسية جديدة مدعومة بتحول سياسات المركزى المصرى نحو التيسير، بينما تنادى أصوات أخرى بتوخى الحذر من صدمات خارجية تثيرها سياسات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، ومخاوف عودة التضخم للارتفاع عالمياً، وفق استطلاع رأى أجرته جريدة «البورصة» لرؤساء أقسام البحوث والاقتصاديين فى بنوك الاستثمار.

وفى هذا السياق، كشف محضر اجتماع الاحتياطى الفيدرالى المنعقد الشهر الماضى، عن تخوف أعضاء المركزى الأمريكى من قفزة جديدة للتضخم بسبب رسوم ترامب الجمركية.

ويميل خبراء الاقتصاد المُستطلعة آراؤهم، إلى أن مؤشر «EGX30» سيلامس مستويات 40 ألف نقطة وقد يتجاوزها خلال العام الجارى، على أن يستفيد من قوة الوزن النسبى لقطاع البنوك (أكبر المستفيدين من البيئة التضخمية الحالية) إلى جانب أسهم شركات العقارات، والقطاع الاستهلاكى؛ إذ أظهر الأخير صلابة فى مواجهة التضخم، وكان هدفاً رئيسياً لعمليات الاستحواذ خلال العام الماضى.

ولا تزال مستويات السيولة تشكل أبرز التحديات التى تواجه السوق خلال العام الجارى؛ حيث يرجح «الدببة» بطأ تحسنها.

شهد العام الماضى ارتفاع قيم التداول على الأسهم المقيدة (شاملة الصفقات) متخطية حاجز التريليون جنيه لأول مرة بارتفاع قدره نحو 65% عن عام 2023، قادت مؤشر البورصة المصرية للصعود بنسبة 19.47% ليغلق عند مستوى 29740 نقطة لتصبح ثالث أعلى البورصات عربياً صعوداً خلال عام 2024.

الجانب الأكبر من الارتفاعات خلال العام الماضى كان مدفوعاً بالأساس من تحرير سعر الصرف وإعادة تموضع المستثمرين مع انتقال منحنى الأسعار لمستويات جديدة للتكيف مع سعر الصرف المخفض للجنيه.

رهان كبير على العقارات تاريخياً

كانت أسهم قطاع التطوير العقارى أقل مرونة فى الاستجابة لمتغيرات السوق، لكنَّ القفزة القياسية لسهم «مجموعة طلعت مصطفى»، والتركيز الكبير على التطوير العمرانى، دفعا القطاع إلى قمة تفضيلات خبراء الاقتصاد؛ حيث يتوقع 19% من المشاركين بالاستطلاع أن يكون القطاع العقارى على رأس الرابحين للعام الجارى، بينما انخفضت الرهانات إلى 15% على قطاع البنوك، و14% من الأصوات ذهبت لقطاع الأغذية، فيما فضل 12% من الخبراء أسهم قطاع الأسمدة والبتروكيماويات كأفضل القطاعات خلال 2025.

اقرأ أيضا: زخم متوقع لتدشين صناديق متتبعة للمؤشرات فى البورصة المصرية

وفيما أرجأت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى المصرى قرار خفض الفائدة المتوقع، لا يزال 9% من المشاركين يتوقعون استفادة أسهم القطاع المالى غير المصرفى من خفض أسعار الفائدة خلال العام الجارى.

وفى تقرير حديث لوكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني، توقعت خفض المركزى المصرى للفائدة بنسبة تتراوح بين 10 و11% خلال العام الجارى، على يبدأ الخفض من اجتماع الخميس الماضى بنسبة بين 1 و2%.

جاهزية السوق للطروحات الحكومية

انقسمت آراء المشاركين فى الاستبيان عن مدى جاهزية البورصة المصرية لاستقبال طروحات حكومية جديدة، خلال عام 2025؛ حيث يرى 60% من المشاركين فى الاستطلاع، أن السوق جاهز وبحاجة إلى الطروحات الحكومية، وأنها ستكون مفيدة للغاية حال تم تسعيرها بشكل جيد.

فيما أبدى 40% من الخبراء قلقهم من جاهزية السوق؛ بسبب نقص السيولة الكافية، والأداء غير الواضح للسوق فى ظل حالة عدم اليقين الحالى.

أسباب تراجع أسعار الأسهم فى السوق رغم فجوة التقييمات

وفى تشخيص لحالة البورصة المصرية، يرى 38.5% من المشاركين فى الاستطلاع، أن فجوة التقييمات الواضحة بين القيم العادلة للأسهم وسعرها السوقى، نتيجة خلل هيكلى فى بنية السوق، فمن جانب عدم كفاءة آليات السوق فى عكس القيم الحقيقية للأسهم، ويرجع ذلك، إلى نقص الأدوات القادرة على تحريك السيولة بفاعلية، خاصةً غياب صانع السوق وضعف مستويات السيولة.

من جهة أخرى، يرى بعض الخبراء أن هذا التراجع لا يعدو كونه حركة تصحيحية طبيعية للأسفل. ووفقاً لهذا الرأى، فإن السوق يمر بمرحلة تجميع للقوى الشرائية، التى من المتوقع أن تدعم الأسهم والمؤشر قريباً للارتداد ومعاودة الصعود فى موجة جديدة.

اقرأ أيضا: البورصة المصرية تتطلع إلى تفعيل “سوق المشتقات”

ويرى بعض الخبراء إنه لا يمكن إغفال التوترات الجيوسياسية بالمنطقة، والتى أثرت على الأسواق وتسببت فى تراجع السوق لفترات طويلة، بالإضافة إلى أن الأسواق شهدت على مدار العامين الماضيين فترات صعود قوية، ما أدى إلى ارتفاع مضاعفات الربحية للأسهم والقطاعات المختلفة، وهو ما مكّن المستثمرين من تحقيق أرباح كبيرة.

وأشار الخبراء إلى أنه كان لا بد من تصحيح هذا المسار؛ حيث جاءت التراجعات القوية لبعض الأسهم كخطوة ضرورية لتوازن السوق.

وتزامن هذا التصحيح مع الأحداث الجيوسياسية، ما جعل السوق أكثر جاذبية لشرائح جديدة من المستثمرين. ويُتوقع أن يدعم ذلك الطروحات الجديدة والاستحواذات، ما يُعيد للسوق زخم الصعود فى المرحلة المقبلة.

بقرات الأموال الغائبة

وعلى الرغم من جاذبية أسعار الأسهم عند مستوياتها الحالية، ومضاعفات الربحية، فإنَّ «بقرات الأموال» (المؤسسات التى لديها مدخرات ضخمة من أموال المصريين) غالباً ما تبتعد عن المشاركة بحصة كبيرة من أموالها فى السوق.

عزوف المؤسسات الكبرى مثل شركات التأمين وصناديق البريد وهيئة التأمينات الاجتماعية، بحسب الخبراء، ناتج عن تأخر قرارات الدولة فى طرح الفرص، وتفضيل الاستثمار المباشر.

وبدلاً من توجيه المؤسسات نحو شراء حصص فى الأسهم المقيدة، يتم التركيز على الاستثمارات المباشرة، رغم أن تعزيز نشاط سوق رأس المال يُعد العامل الأساسى لجلب السيولة للحكومة، خاصة مع تطبيق وثيقة تخارج الدولة المعلنة، وفق خبراء الاقتصاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى