صندوق النقد الدولي يتابع تطور أداء الاقتصاد المصري

عقدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، اجتماعًا مع بعثة صندوق النقد الدولي، حيث تم خلاله استعراض مؤشرات الاقتصاد الكلي، وصياغة وتنفيذ البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية، إلى جانب التمويلات الخارجية لسد الفجوة التمويلية.
وشهد الاجتماع مناقشات موسعة حول تطورات الاقتصاد المصري على مختلف الأصعدة، والإجراءات المتخذة لتعزيز مسار النمو الاقتصادي، والتحول نحو القطاعات القابلة للتداول والتصدير.
كما تم التطرق إلى الخطوات التي تتخذها الدولة لتعزيز مشاركة القطاع الخاص، وتمكينه من قيادة جهود التنمية، بالإضافة إلى حوكمة الاستثمارات العامة للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي وتهيئة المجال أمام القطاع الخاص.
إجراءات الإصلاح الاقتصادي تعيد زخم النمو
وأشارت وزيرة التخطيط إلى أن الاقتصاد المصري استعاد زخم النمو منذ بدء تنفيذ إجراءات الإصلاح الاقتصادي في مارس 2024، موضحة أن الاقتصاد واجه تحديات كبيرة قبل تلك المرحلة، لكنه شهد تحسنًا ملحوظًا منذ الربع الأخير من العام المالي الماضي، حيث سجل النمو معدلات بلغت 2.4%، ثم 3.5%، وصولًا إلى 4.3% في الربع الأول والثاني من العام المالي الجاري.
كما أوضحت أن المؤشرات أظهرت تحسنًا ليس فقط في أرقام النمو، بل في نوعيته أيضًا، حيث قاد قطاع الصناعات التحويلية غير البترولية معدلات النمو، إلى جانب قطاعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والسياحة، والنقل والتخزين، وذلك رغم التأثير السلبي للتوترات الجيوسياسية على أنشطة قناة السويس التي شهدت انخفاضًا ملحوظًا خلال الفترة الماضية.
وتحدثت الدكتورة المشاط عن التحول الاستراتيجي الذي تتبناه الحكومة في بنية الاقتصاد المصري، بالتركيز على القطاعات القابلة للتداول والتصدير، والسلع ذات القيمة المضافة، إلى جانب تطبيق حزم إصلاحات هيكلية تهدف إلى ضبط السياسات المالية وخفض الدين العام، وتشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
كما تطرقت إلى التعاون مع شركاء التنمية الدوليين لحشد التمويلات اللازمة لدعم الموازنة وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية الشاملة، خاصة في إطار آلية دعم الاقتصاد الكلي وسد عجز الموازنة بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، والتي تشمل تنفيذ حزمة متكاملة من الإجراءات لتعزيز استقرار الاقتصاد، وتحسين بيئة الأعمال، وتشجيع الاستثمار، ودفع التحول نحو الاقتصاد الأخضر. ويُنتظر في إطار هذه الآلية إتاحة نحو 4 مليارات يورو ضمن المرحلة الثانية.
وأكدت الوزيرة أن علاقة مصر مع الشركاء الدوليين لا تقتصر على التمويل لدعم الموازنة فحسب، بل يمتد الدعم إلى القطاع الخاص، الذي يحظى بجزء كبير من التمويلات من خلال الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة، وخطوط الائتمان، بما يعزز جهود النمو والتشغيل. وقد تجاوزت التمويلات الميسرة للقطاع الخاص 14.5 مليار دولار خلال السنوات الخمس الماضية، وتواصل الوزارة تعزيز شراكاتها مع المؤسسات الدولية لإتاحة المزيد من الآليات التمويلية.
وفي السياق ذاته، استعرضت المشاط مع بعثة صندوق النقد الدولي تنفيذ المنصة الوطنية لبرنامج «نُوفّي»، لا سيما في محور الطاقة، الذي تمكن من جذب تمويلات ميسّرة للقطاع الخاص بقيمة 3.9 مليار دولار خلال عامين فقط، لتنفيذ مشروعات طاقة متجددة بقدرة 4.2 جيجاوات.
وتسعى الوزارة للوصول بحجم هذه التمويلات إلى 10 مليارات دولار لتنفيذ مشروعات بقدرة تصل إلى 10 جيجاوات، ما يسهم في رفع نسبة الطاقة المتجددة في مصر إلى 42% بحلول عام 2030.
من جانب آخر، تناولت الوزيرة البرامج التي تنفذها الوزارة بالتعاون مع شركاء التنمية في مجال مبادلة الديون من أجل التنمية، وهي آلية لا تهدف فقط إلى تخفيف أعباء الدين، بل تسهم أيضًا في دعم النمو والتشغيل وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة. وتنفذ مصر في هذا الإطار برامج تعاون مع كل من إيطاليا وألمانيا، كما وقّعت مذكرة تفاهم مع الصين مؤخرًا في هذا الشأن.