تحصيل قروض الطلاب في أمريكا يهدد القدرة الشرائية للمستهلكين

يواجه ملايين المقترضين الأمريكيين المتأخرين في سداد قروضهم التعليمية إجراءات تحصيل للمرة الأولى منذ عام 2020، ما يُنذر بتراجع محتمل في إنفاق المستهلكين في وقت يشهد فيه الاقتصاد الأمريكي تعثراً ملحوظاً.
وبحسب حسابات “لجنة الائتمان الاستهلاكي التابعة لبنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك” بالتعاون مع شركة “إيكويفاكس”، فإن نحو واحد من كل أربعة مقترضين ممن استحق عليهم السداد خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في مارس، كانوا متأخرين في سداد قروضهم التعليمية.
وقد أعادت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تفعيل إجراءات التحصيل القسري للقروض التعليمية الفيدرالية المتعثرة، وأعلنت أنها ستبدأ في وقت لاحق من الصيف الجاري باقتطاع الأجور ومصادرة المبالغ المستردة من الضرائب والمزايا الاجتماعية (مثل الضمان الاجتماعي).
وقد يشكل استئناف تحصيل القروض تحدياً أمام نمو الاقتصاد الأمريكي، الذي انكمش بمعدل سنوي قدره 0.3% في الربع الأول من العام، مع اضطرار المقترضين إلى توجيه أموالهم من الاستهلاك إلى سداد الديون، حسب ما نقلته صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
ووفقاً لوزارة التعليم الأمريكية، فإن نحو 43 مليون مقترض في الولايات المتحدة يدينون بأكثر من 1.6 تريليون دولار من قروض الطلاب.
وكشفت حسابات أجرتها مجموعة “جي بي مورجان”، أن الإنفاق التقديري بين حاملي بطاقات “تشيس” خلال الفترة ذاتها انخفض بشكل أكبر في الولايات التي ترتفع فيها معدلات التعثر في سداد قروض الطلاب.
وقال الاقتصادي مراد تاشجي من “جي بي مورجان” إن الأرقام أظهرت أن المقترضين المتعثرين “واجهوا عواقب مثل فقدان إمكانية الحصول على الائتمان أو تراجع الأموال المخصصة للاستهلاك”.
ويمثّل الإنفاق الاستهلاكي نحو 70% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، ما يجعل أي تراجع في إنفاق المقترضين عاملاً مضاعفاً لتأثيرات التسريحات الحكومية والرسوم الجمركية، في وقت تتصاعد فيه المخاوف من البطالة وتوقعات التضخم، بحسب تحذير الاقتصادي ستيفن براون من “كابيتال إيكونوميكس”.
وقال براون: “إنه مجرد بند آخر في قائمة طويلة من العوامل التي يُتوقع أن تُثقل كاهل إنفاق المستهلكين هذا العام”.
وكانت وزارة التعليم قد علقت سداد القروض الطلابية الفيدرالية في مارس 2020 في بداية جائحة كوفيد-19، وانتهى هذا التعليق في عام 2023، إلا أن إدارة الرئيس السابق جو بايدن منحت المقترضين فترة سماح دون عواقب في حال عدم السداد حتى نهاية عام 2024.
كما أعادت الوزارة في مطلع عام 2025 إرسال تقارير التأخر في السداد إلى وكالات التصنيف الائتماني، وهو ما شكل ضربة لدرجات الائتمان الخاصة بالعديد من المقترضين، فيما حذر اقتصاديون من أن هذه الخطوة بدأت بالفعل تؤثر سلباً على إنفاق المستهلك، الذي يُعد محركاً أساسياً للاقتصاد الأمريكي.
وخلال الربع الأول من عام 2025، تجاوزت نسبة القروض الطلابية المتأخرة لأكثر من 90 يوماً حاجز 8% من إجمالي ديون الطلاب، وهي نسبة مرشحة للارتفاع أكثر، نظراً لأن العديد من القروض لاتزال تحت بند “التأجيل المؤقت للسداد” في ظل استمرار النزاعات القضائية المتعلقة بخطط الإعفاء التي أقرتها إدارة بايدن، بما يشمل عدة برامج سداد تعتمد على الدخل، ومع ذلك، فإن عودة المدفوعات أدت بالفعل إلى دفع عدد أكبر من الأسر نحو دائرة التعثر.
فقد بلغت نسبة الديون الاستهلاكية الأمريكية المتأخرة لأكثر من 30 يوماً في الربع الأول من 2025 نحو 4.9%، وهي النسبة الأعلى منذ عقد، وفقاً لبنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك.
وفي مارس، وقع ترامب أمراً تنفيذياً يهدف إلى تقييد الأهلية لبرنامج “الإعفاء من قروض القطاع العام” الذي أُطلق خلال ولاية الرئيس الأسبق جورج بوش الابن، والذي يتيح للموظفين في المؤسسات غير الربحية والحكومية إلغاء قروضهم الفيدرالية بعد عشر سنوات من السداد المنتظم.
وقال مارك زاندي، كبير الاقتصاديين في وكالة التصنيف الائتماني “موديز”: “عدد كبير ومتزايد من الأسر الأمريكية يواجه ضغوطاً مالية متفاقمة”.