شركات التكنولوجيا المالية تواجه اختباراً جديداً مع تراجع أسعار الفائدة

تنويع مصادر الإيرادات يمنح الشركات مرونة أكبر في مواجهة التغيرات الاقتصادية
تواجه شركات التكنولوجيا المالية، وخاصة البنوك الرقمية، اختباراً حاسماً، إذ يُثير الانخفاض الواسع في أسعار الفائدة تساؤلات حول مدى استدامة اعتماد هذه الشركات على هذا النوع المرتفع من الدخل في الأمد الطويل،
وقالت ليندسي نايلور، الشريكة ورئيسة الخدمات المالية في المملكة المتحدة لدى شركة “باين آند كومباني”، في تصريح عبر البريد الإلكتروني لشبكة “سي إن بي سي”، إن “بيئة انخفاض أسعار الفائدة قد تُشكل تحدياً لبعض شركات التكنولوجيا المالية التي تعتمد نماذج أعمالها على دخل الفائدة الصافي”.
وأضافت نايلور أن انخفاض أسعار الفائدة الأساسية قد يمثل “اختباراً لمدى مرونة نماذج أعمال شركات التكنولوجيا المالية”.
وتابعت: “قد تكشف الفائدة المنخفضة عن مواطن ضعف في بعض هذه الشركات، لكنها قد تُبرز أيضاً قدرة شركات أخرى على التكيف والبقاء بفضل اعتمادها على استراتيجيات دخل متنوعة”.
لا يزال من غير الواضح مدى التأثير الحقيقي لانخفاض أسعار الفائدة على القطاع ككل.
ففي الربع الأول من عام 2025، سجلت “روبن هود” 290 مليون دولار من إيرادات الفائدة الصافية، بزيادة قدرها 14% على أساس سنوي.
لكن في المملكة المتحدة، أظهرت نتائج شركة “كلير بانك”، الناشئة في مجال البنية التحتية للمدفوعات، مؤشرات أولية على تأثير الانخفاض في الفائدة.
فقد تحولت الشركة إلى تسجيل خسارة قبل الضرائب بلغت 4.4 مليون جنيه إسترليني خلال العام الماضي، نتيجة تحول مصادر دخلها من الفائدة إلى الرسوم، بالإضافة إلى نفقات التوسع في الاتحاد الأوروبي.
وقال مارك فايرلس، الرئيس التنفيذي لـ”كلير بانك”، في مقابلة مع “سي إن بي سي” الشهر الماضي: “دخل الفائدة سيظل دائماً جزءاً مهماً من إيراداتنا، لكن تركيزنا الاستراتيجي ينصب على تنمية إيرادات الرسوم”.
وأضاف: “نأخذ في الحسبان تراجع أسعار الفائدة ضمن خططنا، ونتوقع انخفاضها بالفعل”.
ويأتي ذلك في الوقت الذي بدأت فيه بعض شركات التكنولوجيا المالية اتخاذ خطوات لتنويع مصادر إيراداتها وتقليل اعتمادها على دخل البطاقات والفوائد.
فعلى سبيل المثال، تقدم “ريفولوت” خدمات تداول العملات الرقمية والأسهم إلى جانب خدمات الدفع وتحويل العملات، وأعلنت مؤخراً عن خطط لإضافة خدمات اتصالات متنقلة إلى تطبيقها في المملكة المتحدة وألمانيا.
وقالت نايلور إن “الشركات التي تمتلك مزيجاً متنوعاً من مصادر الإيرادات أو التي تنجح في تحقيق أرباح قوية من خدمات لا تعتمد على الفائدة” ستكون “في وضع أفضل لمواجهة التغيرات الاقتصادية، بما في ذلك بيئة انخفاض أسعار الفائدة”.
وفي السياق ذاته، أكدت شركة “بنك” الهولندية، التي تستهدف أساساً “الرحل الرقميين” الذين يفضلون العمل من مواقع مختلفة، أنها لا تشعر بالقلق تجاه احتمال تراجع أسعار الفائدة، فقد سجلت “بنك” قفزة بنسبة 65% في أرباحها السنوية لعام 2024.
فيما اوضح علي نكنام، الرئيس التنفيذي لـ”بنك”، في مقابلة الشهر الماضي: “لطالما تمتعنا بدخل صحي ومتنوع”، أن الشركة تحقق إيرادات من الاشتراكات بالإضافة إلى الرسوم والعمولات على البطاقات والفوائد.
وأضاف أن “الوضع مختلف في أوروبا القارية مقارنة بالمملكة المتحدة”، موضحاً أن المنطقة “شهدت فترات طويلة من أسعار الفائدة السلبية”، وهو ما يعني أن الشركة كانت تدفع مقابل الاحتفاظ بالودائع.
وقال بارون سينج، محلل أبحاث التكنولوجيا المالية في بنك الاستثمار البريطاني “بيل هانت”، لشبكة “سي إن بي سي”، إن “البنوك الرقمية التي طورت نماذج دخل متنوعة وقوية ستكون في وضع هيكلي أفضل للتعامل مع بيئة انخفاض أسعار الفائدة”.
أما تلك التي لا تزال تعتمد بشكل كبير على الفائدة الناتجة من ودائع العملاء، دون أن تحقق تقدماً كافياً في مصادر دخل بديلة، فستواجه، “إعادة ضبط حقيقية في توقعات الإيرادات”، بحسب سينج.
يذكر أن شركات التكنولوجيا المالية من أوائل الخاسرين من قرارات رفع أسعار الفائدة التي نفذتها البنوك المركزية العالمية في عام 2022، والتي أدت إلى تراجع حاد في تقييماتها السوقية.
وبمرور الوقت، اسهم هذا التغيير في بيئة أسعار الفائدة في تعزيز أرباح الشركات حيث إن ارتفاع الفائدة يزيد من ما يُعرف بـ”دخل الفائدة الصافي”.