روسيا تدرس شد الحزام على ميزانيتها مع تراجع أسعار النفط

تدرس روسيا تعديل آلية إعداد ميزانيتها الرئيسية في ظل تراجع عائدات النفط، في إشارة إلى أن الكرملين يتوقع استمرار انخفاض أسعار الخام لفترة أطول، بينما تواصل الحرب في أوكرانيا استنزاف خزائن الدولة.
أوضح شخص مطلع على الأمر -طلب عدم الكشف عن هويته نظراً لأن حيثيات الموضوع الخاضعة للدراسة غير معلنة- أن الحكومة ربما تخفض من عتبة ما يُعرف بـ”قاعدة الموازنة” إلى نحو 50 دولاراً للبرميل، مقارنة بـ60 دولاراً حالياً، اعتباراً من العام المقبل، إذا ما استمرت أسعار النفط عند مستوياتها المنخفضة. قال الشخص إن المناقشات ما تزال في مراحلها الأولية، وأن أحد التحديات الرئيسية أمام المسؤولين هو أن هذا التعديل سيستلزم تقليص الإنفاق الحكومي، في وقت ما تزال فيه الحرب تستهلك موارد الدولة.
تقلبات أسعار النفط
لطالما استخدمت روسيا “قاعدة الموازنة” كآلية حماية ضد تقلبات أسعار النفط. تتيح هذه الآلية للدولة تحويل الفوائض من عائدات الطاقة إلى صندوق الثروة الوطني عندما يتجاوز سعر النفط الروسي 60 دولاراً للبرميل. ويجري لاحقاً استخدام الاحتياطيات المتراكمة لتعويض العجز عندما تنخفض أسعار الخام.
لم يرد متحدث باسم وزارة المالية الروسية على طلب للتعليق على الموضوع.
انخفضت أسعار النفط الخام إلى أدنى مستوياتها منذ نحو 4 سنوات، وسط توقعات بأن تؤدي الحرب التجارية التي يخوضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تقويض الطلب، في وقت تخلى فيه تحالف “أوبك+” بقيادة المملكة العربية السعودية وروسيا عن استراتيجيته طويلة الأمد لدعم أسعار النفط.
تعتمد روسيا على عائدات مبيعات النفط والغاز لتأمين 30% من دخل الدولة. وتشير المناقشات الجارية بشأن خفض العتبة المحددة في “قاعدة الميزانية” إلى أن الحكومة باتت تزداد قناعة بأن تراجع أسعار النفط عالمياً سيستمر، وأنه لا يمكنها التعويل على تعاف كبير في الأسعار في المستقبل القريب. سيجبر ذلك الكرملين على البحث عن مصادر بديلة لتعزيز موارده المالية في ظل مستويات إنفاق عسكري قياسية.
تعرض صندوق الثروة الوطني بالفعل لاستنزاف كبير نتيجة تمويل الكرملين للحرب في أوكرانيا، والتي تدخل عامها الرابع حالياً. وانخفضت الأصول السائلة المتاحة للإنفاق إلى 3.3 تريليون روبل (ما يعادل 41 مليار دولار) في أبريل، مقارنة بـ8.4 تريليون روبل في بداية عام 2022، أي قبل بدء الغزو.
سعر نفط روسيا
باتت العتبة الحالية البالغة 60 دولاراً للبرميل -التي تتحول عندها العائدات الفائضة إلى صندوق الثروة الوطني- غير قابلة للاستمرار بشكل متزايد، نظراً لانخفاض أسعار تصدير النفط الروسي إلى ما دون هذا المستوى، واستمرار وزارة المالية في السحب من الاحتياطيات لدعم الميزانية، ما أدى إلى تسريع وتيرة استنزافها.
كانت وزارة المالية قد رفعت، الأسبوع الماضي، هدف العجز في الميزانية لعام 2025 إلى أكثر من 3 أضعاف، بعد خفض توقعاتها للإيرادات وسعر النفط.
ويتداول خام برنت القياسي، حتى الآن خلال مايو الحالي، قرب أدنى مستوياته منذ مطلع عام 2021، في ظل تصاعد المخاوف من أن تؤدي حرب ترمب الجمركية إلى عرقلة نمو الاقتصاد العالمي وتقويض الطلب على الطاقة.
زيادة إنتاج النفط الروسي
اتفقت عدة دول رئيسية في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها، بما في ذلك روسيا، السبت الماضي، على مواصلة زيادة إنتاجها من النفط الخام خلال يونيو المقبل بوتيرة متسارعة، ما عزز المخاوف من حدوث فائض في الإمدادات.
وأيدت روسيا هذا القرار لأنها تتوقع أن يسهم ارتفاع إنتاج الخام جزئياً على الأقل في تعويض تراجع إيرادات الميزانية الناتج عن انخفاض الأسعار، وفقاً لمسؤول حكومي طلب عدم الكشف عن هويته.
وبموجب قرار أعضاء “أوبك+”، ستتمكن روسيا من رفع إنتاجها من النفط الخام فقط إلى 9.16 مليون برميل يومياً يونيو المقبل. ضخت موسكو خلال مارس الماضي نحو 8.965 مليون برميل يومياً، بحسب أشخاص مطلعين على الموضوع.