إقتصاد مصر

تليجراف: أثرياء أمريكا يفرّون من فوضى ترامب.. وبريطانيا تفتح ذراعيها

أفادت صحيفة (ذا تليجراف) البريطانية اليوم الأحد، بأن بريطانيا تستعد لجني ثمار الفوضى السياسية في الولايات المتحدة؛ مع تزايد هجرة الأثرياء والعقول اللامعة الأمريكيين بحثًا عن الاستقرار والفرص في الخارج.

ولفتت الصحيفة البريطانية – في تقرير اليوم – إلى أنه بعد مرور نحو 100 يوم فقط من ولاية ترامب الجديدة والتي تخللتها تهديدات للصناعات، وخسائر في الوظائف، وضرائب متصاعدة، بدأت بريطانيا في استقبال موجة من الأمريكيين القلقين بشأن مستقبلهم المالي والعلمي.

ولطالما كانت الولايات المتحدة وجهة النخبة البريطانية منذ الحرب العالمية الثانية، مستقطبة المهارات والكفاءات بفضل الرواتب المرتفعة وفرص العمل في أكبر اقتصاد عالمي إلا أن الرياح بدأت تهب بالعكس، حيث بدأت النخبة الأمريكية بالنظر إلى بريطانيا كملاذ آمن، لا سيما في ظل سياسات ترامب المربكة والمتقلبة.

وأشار محامون مختصون في شئون الأثرياء إلى أن عدد الاستفسارات من عملاء أمريكيين بشأن الانتقال إلى المملكة المتحدة ارتفع بشكل غير مسبوق منذ تنصيب ترامب.

بدورها قالت شيري فوكس، الشريكة في شركة “ويذرز” القانونية: “عدد الاستفسارات الواردة إلى فريقنا الأمريكي في لندن ارتفع بشكل هائل خلال الأشهر القليلة الماضية، فهناك رغبة واضحة في تنويع المواقع

بعيدًا عن الولايات المتحدة، ولندن تُعد وجهة طبيعية بسبب اللغة المشتركة والثقافة المتقاربة”.

وتُظهر بيانات 2025 أن عدد الأمريكيين الراغبين في الانتقال إلى بريطانيا تضاعف ثلاث مرات مقارنة بالسنوات السابقة، ويسعى الأثرياء لشراء عقارات في لندن كخطة بديلة في حال تفاقمت الفوضى السياسية في واشنطن.

من جانبه، قال كيلفن تانر، الشريك المختص بالهجرة في شركة “تشارلز راسل سبيتشليز”، إن عدد استفسارات الأمريكيين الأثرياء تضاعف هو الآخر هذا العام، مضيفا “نشهد زيادة كبيرة في أعداد الأمريكيين الذين يخططون للانتقال منذ الانتخابات الأخيرة، وتحديدًا بعد الأشهر الأولى من ولاية ترامب الجديدة، بعضهم شخصيات بارزة يسعون لتأمين وجود قانوني في المملكة المتحدة كنوع من التأمين الشخصي”.

وأشارت الإحصاءات إلى أن عدد طلبات الحصول على الجنسية البريطانية من الأمريكيين ارتفع بنسبة 40% في الربع الأخير من عام 2024 مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2023.

كما أظهرت بيانات وكالات العقارات البريطانية أن الأمريكيين باتوا أكبر شريحة من مشتري العقارات الفاخرة في وسط لندن، متجاوزين الصينيين.

تأتي هذه الطفرة في وقت حرج بالنسبة لوزيرة المالية البريطانية رايتشل ريفز، التي تواجه انتقادات بسبب تعديلات ضريبية دفعت بعدد من الشخصيات الرفيعة إلى مغادرة البلاد، مثل ريتشارد جنودي، أكبر مسؤول في “جولدمان ساكس” خارج أمريكا، والملياردير المصري ناصف ساويرس.

وأضاف خبراء وكالات العقارات البريطانية أن اهتمام الأمريكيين يعوّض جزئيًا خروج المقيمين الأجانب “هناك حالة انتقال، بعضهم يغادر لكن آخرين يأتون، نلاحظ تزايدًا في عدد الأمريكيين المهتمين بالسوق اللندنية”.

ولا يقتصر القلق على الأثرياء، بل يمتد إلى شرائح أكاديمية وعلمية واسعة إذ تشير المنصات الإلكترونية في بريطانيا إلى أن اهتمام الأمريكيين بالدراسة في بريطانيا ارتفع بنسبة 25% في مارس الماضي مقارنة بالعام السابق.

كما أظهر استطلاع رأي أن ثلاثة من كل أربعة أكاديميين أمريكيين يفكرون في مستقبلهم خارج الولايات المتحدة، ويفاضلون بين كندا وبريطانيا.

وقد تفاقم الوضع بعد أن جمد ترامب التمويل الفيدرالي لعدد من الجامعات الكبرى، وهدد جامعة هارفارد بقيود على قبول الطلاب الأجانب وخفض التمويل، في إطار هجومه على سياسات التنوع والاحتجاجات الطلابية.

وحذرت الأوساط الأكاديمية من أن هذه السياسات قد تتسبب في ضرر اقتصادي يعادل الركود، نظرًا لما تمثله الجامعات من ثقل علمي واقتصادي.

ويصف البروفيسور كريستيان داستمان من جامعة “يونيفرسيتي كوليدج لندن” هذه الهجمة بأنها “انتحارية”، قائلاً: “ترامب يقوض أحد أعظم أصول بلاده، وهو التميز البحثي والأكاديمي، الهجوم على هذا القطاع بهذه الطريقة تصرف في منتهى الغباء”.

وتتنافس عدة دول أوروبية على استقطاب هذه المواهب عبر تسهيلات التأشيرات وبرامج الدعم للجامعات، فيما تحذر الأوساط الجامعية البريطانية من أن قطاع التعليم العالي يعاني أصلاً من أزمات تمويل وتسريح للموظفين، ما قد يحد من قدرته على الاستفادة الكاملة من هذا الزخم القادم من أمريكا.

واختتمت الصحيفة البريطانية، تقريرها بأن الخبراء يحذرون من أن بعض الأمريكيين الأثرياء قد يواجهون صعوبات في الحصول على تأشيرات إذا لم يكونوا موظفين بل أصحاب أعمال أو مستثمرين وعلى الرغم من أن من المبكر تحديد مدى عمق واتساع هذه “هجرة العقول الأمريكية العكسية”، فإن الاضطراب الأمريكي قد يوفر لبريطانيا فرصة ذهبية – إذا أحسنت الحكومة استغلالها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى