إقتصاد مصر

“فاينانشيال تايمز”: الصين تسعى للتقارب مع الاتحاد الأوروبي في ظل حرب ترامب التجارية

ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، في عددها الصادر اليوم الخميس، أن الصين تتطلع حاليًا إلى التقارب مع الاتحاد الأوروبي لتعويض خسارة السوق الأمريكية في ظل الحرب التجارية التي يشنها الرئيس دونالد ترامب على دول العالم، رغم أن هناك عقبات كبيرة لا تزال قائمة في سبيل تحقيق مساعي بكين في هذا الشأن .

وقالت الصحيفة، في سياق تقرير، إن مسئولين وشركات الصينية يسعون إلى تقوية العلاقات مع الاتحاد الأوروبي في ظل تصاعد الحرب التجارية مع الولايات المتحدة بقيادة ترامب، إلا أن دول التكتل لا تزال متشككة بشدة بشأن التحول إلى سوق بديلة تستوعب البضائع المُحوّلة من الأسواق الأمريكية.

وأضافت:” أن بكين تحاول توسيع علاقاتها مع أكبر تكتل تجاري في العالم، على أمل فتح أسواق جديدة لمنتجاتها بعد فرض رسوم جمركية أمريكية مرتفعة. وقد أرسلت الصين وفودًا تجارية إلى عدة عواصم أوروبية خلال الأسابيع الماضية، فيما بدأت مصانع صينية دراسة إمكانية تحويل مسار صادراتها نحو أوروبا”.

في الوقت نفسه، عبّر عدد من قادة الاتحاد الأوروبي علنًا عن رغبتهم في تعزيز التعاون مع الصين، في تحول وصفته الصحيفة بـ”الملحوظ” عن تصريحات سابقة شددت على ضرورة “تقليل الاعتماد” على سلاسل التوريد القادمة من بكين.

مع ذلك، أوضحت “فاينانشيال تايمز” أن “أي إعادة ضبط في العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي سيواجه تحديات كبيرة، تشمل الفوائض التجارية الضخمة التي تحققها الصين وصعوبة دخول الشركات الأوروبية إلى السوق الصينية، بالإضافة إلى الدعم الضمني الذي تبديه بكين لموسكو في حربها على أوكرانيا”.

وقال تشانج يان شنج، وهو باحث بارز في أكاديمية الصين لأبحاث الاقتصاد الكلي الحكومية- في تصريح خاص للصحيفة:” حان الوقت للصين وأوروبا للبدء من جديد”. وأضاف أن تقلبات ترامب في الرسوم الجمركية “تتيح لنا فرصة إعادة النظر في علاقاتنا التجارية. على الصين زيادة صادراتها إلى أوروبا واستيراد المزيد منها أيضًا”.

وفرض ترامب رسومًا جمركية جديدة تصل إلى 145% على الصادرات الصينية، مهددًا بتقليص تدفق التجارة بين أكبر اقتصادين في العالم في حين ردت بكين بفرض رسوم جمركية بنسبة 125%.

في غضون ذلك، فُرضت على الاتحاد الأوروبي رسوم جمركية بنسبة 10%، وقد تزيد إلى 20% إذا فشلت المحادثات في تلبية مطالب واشنطن.

وتابعت “فاينانشيال تايمز” أن مناورات ترامب الفوضوية أثارت موجة من التواصل بين بكين وبروكسل، حيث يسعى الجانبان إلى إيجاد حل وسط مع الولايات المتحدة .

فمن جانبه، أبلغ الرئيس الصيني شي جين بينج رئيس الوزراء الإسباني الزائر بيدرو سانشيز الأسبوع الماضي أنه يتعين على الصين والاتحاد الأوروبي “مقاومة التنمر الأحادي” معًا.. حسب تعبيره.

حتى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، المؤيدة لسياسة “تخفيف المخاطر”، أخبرت رئيس الوزراء الصيني لي تشيانج الأسبوع الماضي أن يجب على الجانبين العمل معًا لتوفير “الاستقرار والقدرة على التنبؤ” للاقتصاد العالمي.

وقال فرانسوا شيميتس، الخبير الاقتصادي في معهد ميركاتور لدراسات الصين:” يحتاج كلاهما إلى أسواق بديلة، بالإضافة إلى شعور بالاستقرار”. وأضاف: “من الناحية التكتيكية، فإن التحرك نحو مزيد من التعاون الثنائي بين هذين القوتين الاقتصاديتين الكبيرتين يعزز نفوذهما المحتمل في أي محادثات مع الولايات المتحدة أيضًا”.

وأرسلت وزارة التجارة الصينية وفودًا تجارية في الأسابيع الأخيرة إلى فعاليات في ستوكهولم وبودابست وأوسلو وهانوفر لإثارة الاهتمام بالاستثمار في الصين، حيث اشتكت الشركات الأجنبية من عوائق الوصول إلى الأسواق. وأشار بيتر بورنيت، الرئيس التنفيذي لمجلس الأعمال الصيني البريطاني، إلى أن بكين أرسلت وفدًا كبيرًا إلى فعالية “استثمر في الصين” هذا الشهر في مركز الملكة إليزابيث الثانية بلندن. وقال:” بالنسبة للأعمال التجارية الدولية، تقول الصين أنتم مرحب بكم ونريدكم أن تفعلوا المزيد”.

ويتطلع المصنعون والمصدرون الصينيون أيضًا -حسبما أبرزت الصحيفة في تقريرها- إلى المشترين في الأسواق الأوروبية لسلعهم. وقال مدير في شركة بيتبال، وهي شركة صينية كبرى لتصنيع أغذية الحيوانات الأليفة:” نحن نعمل بجد لتوسيع أعمالنا في أوروبا وأماكن أخرى، وبالفعل نحرز تقدمًا”.

وأضاف جارومير سيرنيك من شركة سي تي بي، وهي مستثمر كبير في العقارات الصناعية الأوروبية، إن الرسوم الجمركية الأمريكية ستسرع “اتجاه الشركات الصينية إلى العالمية”. وأضاف أن الطلب الصيني على مساحات المصانع والمستودعات في أوروبا آخذ في الازدياد.

مع ذلك، قالت شخصية أعمال أوروبية مطلعة على الوفود الصينية -تحدثت إلى الصحيفة بشرط عدم الكشف عن اسمها- إن حكومات الاتحاد الأوروبي ليس لديها الكثير لتقدمه، حيث أن العديد من الشركات مترددة في الاستثمار في الصين.. وأشارت إلى استطلاع أجرته غرفة تجارة الاتحاد الأوروبي في الصين العام الماضي أظهر أن أكثر من ربع المشاركين كانوا متشائمين بشأن إمكانات نمو أعمالهم في الصين و44% منهم بشأن مكاسبهم.

كذلك ، أدى ضعف الاستهلاك المحلي في الصين إلى ضغوط انكماشية، مما أدى بدوره إلى تكثيف المنافسة السعرية، وجعل البلاد سوقًا أقل جاذبية للشركات الأجنبية. ومضت الصحيفة البريطانية تقول إن الرئيس الصيني شي جين بينج يعتزم تجاهل حضور قمة من المقرر أن تُعقد للاحتفال بمرور 50 عامًا على العلاقات الثنائية بين الصين والاتحاد الأوروبي، في خطوة يُنظر إليها على أنها تجاهل دبلوماسي مقصود.

وفي المقابل، يُجبر شي رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، على التوجه إلى بكين في يوليو المقبل لحضور قمة كان من المفترض أن تُعقد أصلًا في بروكسل. وهذه الخطوة أثارت تساؤلات حول نوايا بكين الحقيقية تجاه العلاقة مع أوروبا، في ظل التوترات الجيوسياسية والاقتصادية المتزايدة .

ومن بين العوائق أن بلغت صادرات الصين إلى الاتحاد الأوروبي أكثر من ضعف وارداتها العام الماضي، فيما اتهم قادة الاتحاد الأوروبي بكين بتعزيز فائض الطاقة الصناعية لتعويض الضعف الاقتصادي في الداخل وإغراق أسواق القارة بسلع منخفضة التكلفة وتقويض الصناعات المحلية لديهم حتى أن فون دير لاين أكدت الشهر الماضي مخاوف ترامب بشأن العجز التجاري، قائلةً إن بعض الدول “تستغل القواعد الحالية بشكل غير عادل”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى