النفقات الصحية الكارثية مفتاح تحريك النمو الصينى

رغم النمو الاقتصادى السريع الذى شهدته الصين خلال العقدين الماضيين، لا تزال تكاليف الرعاية الصحية تشكل عبئاً هائلاً على ملايين الأسر، ما يؤثر على استقرار الاقتصاد ككل.
فقد ارتفعت نسبة السكان المشمولين بالتأمين الصحى إلى 95% من إجمالى 1.4 مليار نسمة، مقارنة بـ13% فقط فى 2003، وفقاً لدراسة نُشرت فى مجلة «لانسيت» الطبية عام 2023.
لكن هذا النظام، رغم توسعه، لا يزال متأخراً فى تغطية الأمراض المزمنة مثل السكرى وارتفاع ضغط الدم، ما يؤدى إلى ارتفاع غير متناسب فى عدد الأسر التى تعانى من «النفقات الصحية الكارثية».
يشير خبراء إلى أن هذه التكاليف الباهظة تدفع الأسر الصينية إلى زيادة معدلات الادخار الاحترازى، ما يؤثر على الاستهلاك المحلى، وهو عنصر أساسى فى تحفيز النمو الاقتصادى، حسب ما ذكره صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
ورغم أن الحكومة الصينية تتبنى الاشتراكية كنهج اقتصادى، فقد منحت الأولوية للاستثمار فى التكنولوجيا المتقدمة والبنية التحتية، فى حين ظل الإنفاق الاجتماعى أقل مقارنة بالدول النظيرة.
عام 2021، حذّر الرئيس شى جينبينج من «الوقوع فى فخ الرفاهية التى تشجع على الكسل».
تشير البيانات إلى أن نسبة الأسر التى تنفق أكثر من 10% من دخلها على الرعاية الصحية ارتفعت من 20.4% عام 2007 إلى 21.7% عام 2018، وبلغت 27% فى المناطق الريفية.
فى المقابل، بلغ المعدل العالمى لهذه النفقات 13.2% فى 2017، بينما كانت 7.7% فى روسيا و1.5% فى ماليزيا، وهما دولتان تمتلكان مستوى مماثلاً من الناتج المحلى الإجمالى للفرد مقارنة بالصين.
رغم أن الصين تستثمر فى الرعاية الصحية بمعدلات تفوق نمو ناتجها المحلى، فإنَّ هذا أدى إلى زيادة الطلب على المستشفيات، وارتفاع تكاليف العلاج؛ حيث بات الأطباء يطلبون مزيداً من الفحوصات المكلفة، كما أن معدلات الإقامة فى المستشفيات باتت أعلى بنسبة 40% من المتوسط العالمى.
ومع توسع التغطية التأمينية، لا تزال غير قادرة على مواكبة التضخم فى الإنفاق الصحى، وفقاً للبروفيسورة وينى ييب من جامعة هارفارد.
فى ظل ارتفاع التكاليف، لجأ العديد من المرضى إلى التمويل الجماعى عبر الإنترنت، لكن بعض هذه المبادرات أثارت جدلاً بعد اكتشاف حالات احتيال.
عام 2023، أجبرت منصة «ووتر دروب»، المدعومة من «تينسنت»، أحد المرضى على إعادة التبرعات بعدما تبين أنه اشترى شقة جديدة.
كما وقعت أسر أخرى ضحية لعمليات احتيال تعد بمضاعفة التبرعات مقابل استثمارات.
فى ظل هذه الأوضاع، يرى الخبراء أن توجيه موارد مالية أكبر للرعاية الصحية قد يكون مفتاحاً لدفع عجلة النمو الاقتصادى فى الصين، وهو ما ينتظر أن يكون محور اهتمام البرلمان الصينى فى اجتماعه السنوى المقبل.