إقتصاد مصر

بريطانيا تستعيد السيطرة على “بريتيش ستيل” لإنقاذ آخر مصنع للصلب الخام

أقرّ أعضاء البرلمان البريطاني مشروع قانون يمنح الحكومة سلطات واسعة لإدارة شركة “بريتيش ستيل” لصناعة الصلب، المملوكة لمجموعة “جينجي” الصينية، وذلك بعد تصاعد المخاوف من نية المجموعة إغلاق أفران الصهر في “سكَنثورب” شمال إنجلترا.

وهذا التحرك الصيني يهدد بفقدان آلاف الوظائف وإنهاء وجود صناعة الصلب الخام في المملكة المتحدة، والتي كانت تشكل ركيزة الثورة الصناعية البريطانية.

وذكرت وكالة “بلومبرج” الأمريكية، اليوم الأحد، أنه تم تمرير التشريع الطارئ بالإجماع في مجلس العموم البريطاني، دون الحاجة إلى عدّ الأصوات، لينتقل بعد ذلك إلى مجلس اللوردات الذي يُعرف تقليديًا بأنه غرفة للتعديل وليس للعرقلة، ما يجعل من المرجّح أن يتم إقرار القانون بنهاية اليوم.

من جانبها، لم تُصدر مجموعة “جينجي” الصينية أي تعليق على التطورات رغم الطلبات المتكررة، كما امتنعت الوحدة البريطانية التابعة للمجموعة عن التصريح بشأن الاستدعاء الاستثنائي للبرلمان.

ويمنح مشروع القانون وزير الأعمال البريطاني، جوناثان رينولدز، صلاحيات شاملة لإدارة شركة “بريتيش ستيل”، بما يشمل إصدار أوامر بتوفير المواد الخام اللازمة لضمان استمرار الإنتاج في موقع سكَنثورب، حيث تقع آخر أفران الصهر الأولية في المملكة المتحدة.

وكان رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، قد أمر باستدعاء النواب من عطلتهم بمناسبة عيد الفصح، يوم الجمعة الماضي، بعد تصاعد القلق من احتمال إغلاق الأفران التي تعتبرها “جينجي” غير مربحة.

ويُحذّر المسؤولون من أن إغلاقها سيجعل بريطانيا الدولة الوحيدة بين دول مجموعة السبع التي لا تمتلك القدرة على إنتاج الصلب من المواد الخام. وكانت “جينجي” قد رفضت الشهر الماضي عرض إنقاذ حكومي بقيمة 500 مليون جنيه إسترليني (650 مليون دولار).

وقال رينولدز في كلمته أمام البرلمان: “لقد تفاوضت الحكومة بلا كلل مع المجموعة الصينية، وقدّمت عرضًا سخيًا للحفاظ على المصنع، لكن الشركة طالبت بمبالغ مبالغ فيها”.

وأضاف: “في الأيام القليلة الماضية، تبيّن بوضوح أن نية جينجي هي عدم شراء المواد الخام الكافية لتشغيل الأفران. في الواقع، كانت الشركة بصدد إلغاء الطلبات الحالية ورفض سداد تكلفتها، وهو ما كان سيؤدي إلى إغلاق صناعة الصلب الأولية في بريتيش ستيل بشكل أحادي ودائم”.

ينص مشروع القانون، الذي يشمل جميع عمليات إنتاج الصلب في إنجلترا وويلز وليس فقط “بريتيش ستيل”، على فرض غرامات أو السجن لمدة تصل إلى عامين على أي موظف لا يلتزم بتوجيهات وزير الأعمال. كما يتضمن التشريع آلية لتعويض الشركات عن التكاليف الناتجة عن تنفيذ أوامر الحكومة البريطانية.

وذكرت وزارة الأعمال والتجارة البريطانية، في بيان، أن التشريع يمنح الموظفين في المصنع حق العودة إلى وظائفهم، في حال تم فصلهم بسبب امتثالهم لتوجيهات الحكومة ضد رغبة المالكين الصينيين.

وبحسب “بلومبرج”، تمثل هذه الخطوة فصلًا جديدًا في سلسلة من التوترات المتزايدة بين الحكومة البريطانية والشركات الصينية التي تستثمر في البنية التحتية الحيوية بالمملكة المتحدة.

وأفادت وزارة الأعمال أن تمويل استمرار العمل في مصنع سكَنثورب سيأتي من صندوق صناعي قائم تبلغ قيمته 2.5 مليار جنيه إسترليني، مخصص لدعم صناعة الصلب.

وأكد رينولدز أن الحكومة لا تنوي الاحتفاظ بهذه الصلاحيات الجديدة “أكثر من اللازم”، إلا أنه أشار إلى أن خيار تأميم “بريتيش ستيل” لا يزال مطروحًا على الطاولة.

يُذكر أن صناعة الصلب البريطانية كانت تواجه صعوبات حتى قبل فرض إدارة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، رسومًا بنسبة 25% على واردات الصلب.

وقد أُغلقت أفران الصهر في “بورت تالبوت” العام الماضي، مما يجعل مصنع “بريتيش ستيل” في سكَنثورب آخر معقل لإنتاج الصلب الخام في المملكة المتحدة. وتوظف الشركة نحو 3,500 شخص، يتمركز أغلبهم في شمال إنجلترا.

وقد حذرت النقابات من أن “جينجي” ألغت طلبيات شراء خام الحديد وفحم الكوك، إلى جانب مواد خام أساسية أخرى، ما زاد المخاوف من إغلاق المصنع خلال أيام.

وتُعد أفران الصهر منشآت شديدة الحساسية لأي انقطاع في الإمدادات، إذ يجب تشغيلها باستمرار لتجنب تجمُّد المعدن المنصهر بداخلها، ما قد يتسبب في أضرار جسيمة للبطانة الداخلية ويوقف الإنتاج لأشهر، إلى جانب تكاليف إصلاح باهظة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى