“تقييم الأصول” يحد من مخاطر الاستثمار ويعزز الثقة في الاقتصاد

أكد خبراء المحاسبة والمراجعة على أهمية التعديلات التي اعتمدتها اللجنة الفنية الدائمة للنظام المحاسبى الموحد والمعايير التابعة للجهاز المركزى للمحاسبات، بشأن معيار المحاسبة المصرى رقم 10، المتعلق بالأصول الثابتة وإهلاكها، والتي تضمنت إمكانية إعادة تقييم الأصول الثابتة.
قال محمد المعتز عضو مجلس إدارة جمعية المحاسبين والمراجعين المصرية ورئيس لجنة المعايير بالجمعية، إن تبنى مصر نموذجا لإعادة التقييم يعكس استجابتها لارتفاع التضخم والتراجع المستمر في قيمة العملة.
ولفت إلى أنه فى ظل الظروف التضخمية، تصبح التكلفة التاريخية للأصول غير متوافقة بشكل متزايد مع قيمتها السوقية، مما يؤدي إلى تشوه البيانات المالية.
واعتبر توجه الهيئات الرقابية بالسماح بإعادة تقييم الأصول الثابتة أمر بالغ الأهمية، حيث يهدف إلى تعزيز الشفافية المالية وإمداد الشركات بالأدوات اللازمة للتكيف مع الواقع الاقتصادي، بالإضافة إلى المساهمة في مواءمة ممارسات المحاسبة فى مصر مع المعايير العالمية، ما يعزز مصداقية التقارير المالية في الأسواق الدولية.
وأشار المعتز رئيس لجنة المعايير بجمعية المحاسبين والمراجعين المصرية، إلى أن نموذج إعادة التقييم يؤثر بشكل كبير على الأداء المالي للمنشآت، حيث يعكس إعادة التقييم القيم السوقية العادلة، ما يوفر صورة أكثر دقة عن المركز المالي للمنشأة وبالتالي، تزيد قيمة الأصول المعاد تقييمها، مما يؤدي إلى زيادة في مصاريف الإهلاك، الأمر الذي قد يقلل من صافي الدخل في الفترات التالية.
كما أن الزيادة في قيمة الأصول تُسجل في الفائض الناتج عن إعادة التقييم ضمن حقوق الملكية، مما يُحسن من نسب الدين إلى حقوق الملكية، ويعزز الاستقرار المالي للمنشأة بشكل عام.
ونوه إلى أن التأثير المزدوج يوضح أهمية التخطيط الجيد والتواصل مع الأطراف المعنية لإدارة التوقعات المالية بشكل سليم.
وبحسب المعتز، عادة ما ينظر المستثمرون إلى إعادة تقييم الأصول الثابتة بشكل إيجابي، لأنها توفر صورة واقعية عن قيمة المنشأة، مما يعزز الثقة ويزيد من الشفافية.
وأضاف أنه غالبًا ما تجد المنشآت التى تعتمد نموذج إعادة التقييم من السهل عليها تأمين التمويل، لأن الأصول المعاد تقييمها تعزز حقوق الملكية وتوفر ضمانات قوية للقروض، كما أن التقارير المالية الدقيقة والعادلة تعزز من مصداقية المنشأة أمام المقرضين، مما يمكن أن يخفض تكاليف الاقتراض.
“أندرسن للاستشارات”: أساليب تقييم الشركات ستشهد تحولات جذرية خلال 2025
واعتبر أن هذه الميزة تعد حاسمة بشكل خاص للمنشآت التي تعتمد على الأصول وكذلك الشركات التي تسعى لجذب استثمارات أجنبية.
وعن مدى إعادة التقييم فى التأثير على الاستراتيجية طويلة الأجل، ذكر المعتز أن له تأثير على التخطيط الاستراتيجي للمنشآت، حيث يدعم مبادرات النمو ويسهل الوصول إلى رأس المال اللازم للتوسع، كما أن التقييم المنتظم للأصول يشجع على تحسين إدارة الموارد والتخصيص الاستراتيجي للأصول، وكذلك تبنى هذا النموذج يدل على التزام المنشأة بمعايير تتسق مع معايير المحاسبة الدولية، مما يعزز من ميزته التنافسية في السوقين المحلي والدولي.
وأوضح رئيس لجنة المعايير بجمعية المحاسبين والمراجعين المصرية، أن معيار المحاسبة المصري 10 يتطلب إعادة التقييم بانتظام بما يكفي لضمان أن المبالغ المحاسبية لا تختلف بشكل كبير عن القيم العادلة.
وبالنسبة للأصول ذات القيم العادلة المتقلبة، مثل الأراضي والمباني، قد يتطلب الأمر إعادة تقييم سنوية، بينما الأصول الأقل تقلبًا، فإن إعادة التقييم كل 3 إلى 5 سنوات قد تكون كافية.
وأفاد بأنه يجب أن تشمل إعادة التقييم فئات كاملة من الأصول الثابتة، وليس الأصول الفردية، لضمان التناسق وتجنب التقييم الانتقائي، ويمكن للمنشآت اختيار الفئات التى ترغب في إعادة تقييمها، ولكن يجب إعادة تقييم جميع الأصول ضمن الفئة المختارة.
وقال إن المراجعين الخارجيين، لهم دور حيوي في ضمان التزام المنشآت بالمعايير المحاسبية عند تطبيق نموذج إعادة التقييم. يقوم المراجعون بتقييم المنهجيات والافتراضات المستخدمة في تقدير القيمة العادلة للأصول للتأكد من التزام المنشأة بمعيار المحاسبة المصري 10، بالإضافة إلى أنهم يراجعون الإفصاحات المالية المتعلقة بإعادة التقييم، مثل أساس التقييم وتأثيره على حقوق الملكية.
وقد يقدم المدققون استشارات للمنشآت بشأن كيفية تبني نموذج إعادة التقييم واختيار خبراء التقييم المؤهلين، ولكن لا يمكنهم تقديم هذه النصائح للعملاء الذين يقومون بتدقيق حساباتهم بسبب متطلبات الاستقلالية.
شمس الدين: التقييم لا يؤثر على قرارات المساهمين ولكن يجعل القيمة الدفترية أقرب للواقع
ومن جانبه يرى رئيس قطاع البحوث فى “إي اف جى القابضة” أحمد شمس الدين، أن القطاع العقارى والموانئ وبعض الأنشطة الصناعية التى لديها أصول قديمة وتكلفتها الدفترية منخفضة، سوف تستفيد بشكل كبير من عملية إعادة تقييم الأصول الثابتة لها.
وعن درجة تأثير تقييم الأصول على قرارات المساهمين قال إن المساهمين المحترفين يعتمدون بشكل أساسى على القيمة السوقية وليست الدفترية، وبالتالي لن يحدث هذا تغيير في سياسيتهم، لافتاً إلى أن إعادة التقييم ينتج عنها تغيير لبعض النسب المالية فقط ويتم أخذها فى الاعتبار.
وأوضح أن عملية إعادة التقييم ليس لها علاقة مباشرة بسياسات توزيع الأرباح، حيث تعتمد على التدفقات النقدية فى الأساس.
وذكر أن إعادة تقييم بعض الشركات المدرجة لأصولها بشكل متكرر، قد يترتب عليها انخفاض فى نسبة العائد على الأصول الثابتة، ولكن لا يوجد خطر مالى بأى شكل من الأشكال.
ونوه أن إعادة تقييم الأصول تجعل القيمة الدفترية أقرب إلى الواقع، مما يحسن من نسب الرافعة المالية نظرياً.
ولفت شمس الدين إلى أنه لا يوجد تأثير لإعادة تقييم الأصول على احتياطيات البنوك وهيكل رأس المال الخاص بها.
عبدالحليم: التعديلات تسهم في زيادة جاذبية السوق المصري للمستثمرين الأجانب
وقال محمد عبدالحليم الشريك المالي بـ”أندرسن” للاستشارات القانونية والضريبية إن الآثار العامة المتوقعة لهذا التعديل على الشركات والمؤسسات، يتمثل فى تعزيز شفافية القوائم المالية للشركات، مما يحسن تقييم الجدارة الائتمانية، وكذلك رفع التقييم السوقي للشركات التي تستفيد من إعادة تقييم الأصول وتحسين قوائمها المالية والتى تُظهر قوة أكبر في ميزانياتها.
ولفت أن نموذج المعيار سوف يجذب الاستثمارات للشركات المدرجة بالبورصة بسبب تحسن وضعها المالي نتيجة إعادة التقييم.
وبالنسبة للشركات التى تخطط للإدراج بالبورصة، قد تجد في التعديل فرصة لتحسين ميزانياتها وزيادة مصداقيتها أمام الجهات الرقابية والمستثمرين.
وذكر أن الشركات الكبيرة سوف تستفيد بشكل كبير، وخاصةً تلك التى تمتلك أصولاً كبيرة حيث يمكن إعادة تقييمها لرفع القيمة الدفترية، مثل قطاعات العقارات والصناعة والطاقة، أما الشركات الصغيرة والمتوسطة قد تواجه تحديات بسبب نقص الموارد اللازمة لإعادة التقييم أو ضعف الأصول المؤهلة.
مطالبات بضرورة التوافق مع التوجهات العالمية لضمان توزيع عادل للضرائب
وبحسب عبدالحليم سوف يُتيح التعديل الفرص للشركات والمستثمرين على حد سواء، حيث يحسن قدرة الشركات التمويلية والحصول على قروض بشروط أفضل، ويُمكن المستثمرين الحصول على رؤية أكثر وضوحًا لقيمة الأصول، مما يساعدهم في اتخاذ قرارات استثمارية أكثر دقة.
ولفت أن النموذج سوف يعزز الاستقرار المالى، و سوف يساهم فى جذب الاستثمار الأجنبي والمحلي بفضل تقليل المخاطر الناتجة عن تقييم غير دقيق للأصول، بالإضافة إلى زيادة ثقة السوق، ما يعزز من مصداقية القطاع المالي أمام المستثمرين.
فيما طالب الشريك المالى بـ”أندرسن” طالب بضرورة مواجهة التحديات المحتملة التي قد تواجه تطبيق التعديلات، مثل اختلاف معايير التقييم بين القطاعات المختلفة، وكذلك قدرة الشركات الصغيرة على تنفيذ التعديلات.
ونادى بضرورة توفير برامج تدريبية للإدارات المالية في الشركات، بالإضافة إلى تقديم حوافز وتشريعات، مما يسهم في تحقيق شمولية التطبيق.
العادلى: لا يترتب على التقييم التزامات ضريبية إلا عند التصرف فى الأصول “بالبيع أو بالتخريد”
وقال عبدالله العادلى شريك الضرائب الرئيسى بمكتب مور ايجيبت للاستشارات المالية والضريبية إن إعادة تقييم الأصول بالقيمة العادلة تؤدى إلى زيادة في القيمة المحاسبية للأصول، وبالتالي يتم إدراج فرق التكلفة ضمن تكلفة الأصول، ويترتب على ذلك اعتماد الاهلاك الضريبي طبقاً للقيمة الجديدة وكأنها إضافة لقيمة الأصول.
وبحسب العادلى لا يجب اعتبار الزيادة فى قيمة الأصول كأرباح رأسمالية إلا عند التصرف فى الأصول بالبيع، فيتم احتساب الأرباح الرأسمالية بالفرق بين سعر البيع والقيمة العادلة للأصول، أما الارباح الناتجة تضاف إلى أرباح النشاط الجارى أو تخصم مقابل الخسائر الرأسمالية والصافى يخضع للضريبة على أرباح شركات الأموال.
وأفاد بأنه لايترتب على عمليات التقييم أى التزامات ضريبية، إلا عندما يتم التصرف فى الأصول سواء بالبيع أو بالتخريد.
وأضاف أن التعديل فى معايير المحاسبة يؤدي إلى ظهور الأصول بالقيمة الحقيقية، مما يجعل القوائم المالية تعبر عن حقيقة المركز المالي وخاصة في ظل ظروف تضخم غير عادية.
عبدالرحمن: المنشآت المتخصصة كالمستشفيات والفنادق تواجه تحدى فى إعادة التقييم
وعن المنهجية التي سيتم استخدامها لتقييم الأصول الثابتة، يقول محمد عبد الرحمن الأمين العام للجمعية المصرية لخبراء التقييم العقاري وخبير إعادة تقييم الأصول، إنها تختلف باختلاف نوع القيمة المطلوبة، وكذا الغرض من التقييم.
وأوضح أن هناك أنواع مختلفة من القيم مثل القيمة السوقية والقيم غير السوقية، كالقيمة الخاصة والقيمة الاستثمارية وقيمة السداد العيني وقيمة حق الانتفاع والسعر الأساسي للبيع بالمزاد العلني وقيمة التصفية والقيمة التأمينية.
أما بالنسبة للغرض من التقييم فهناك أغراض كثيرة مثل البيع والشراء والمشاركة والسداد العيني والمزاد العلني.
وذكر أن من الآليات المهمة لمراجعة التقييم وتحديثه، تحديث السجلات الخاصة بالأصول لدى الشركة شاملة كافة التحديثات التي تجري عليها، وذلك لضمان السرعة والدقة في نفس الوقت، وذلك لخروج تقرير التقييم على مستوي عال من المهنية والاحترافية، مع تشكيل فريق عمل متخصص من خبراء التقييم وتحديد مسئوليات كل عضو في الفريق من الأراضي والمباني للآلات والمعدات لوسائل النقل والانتقال للأثاث وغيرها.
وأوضح بأنه يجب إعادة تقييم الأصول سنوياً أو عند كل معاملة سيتم إجرائها مثل البيع او الشراء، أو عند أي تغييرات اقتصادية تحدث في البلد مثل تغير سعر الفائدة او تغير قيمة الجنية المصري مقابل الدولار.
ولفت عبد الرحمن إلى أنه في حالة وجود التزامات مالية على الأصل، بإن المعايير المحاسبية الدولية IFRS تحدد المعاملة الحسابية الصحيحة وكيفية التعامل مع الفروق الناتجة عن إعادة التقييم.
ونوه عبدالرحمن أن التكاليف المرتبطة بعملية إعادة التقييم تمثل أتعاب المهنيين من خبراء تقييم ومستشارين ماليين، وتزداد تلك التكاليف مع زيادة حجم الشركة أو قيمة الأصول المطلوب تقييمها، مشيراً إلى أنه يجب الموازنة بين دقة التقييم والتكاليف المرتبطة به.
وعن التحديات التى تواجه الشركات فى عملية إعادة التقييم، ذكر أنها تختلف باختلاف الأصل، وخاصة الأصول غير المتداولة بانتظام في السوق كالمنشآت المتخصصة مثل المستشفيات والفنادق، وكذا التغيرات فى سعر الصرف.
وذكر أن تعديلات القوانين يصاحبها تغيير في تقييمات الأصول، على سبيل المثال تحديات اشتراطات البناء يصاحبها تغيير فى القيمة السوقية للمنشأة، مما له بالغ الأثر على إعادة التقييم، بالإضافة إلى تأثير إعادة تقييم الأصل علي القوائم المالية وحقوق الملكية والمعالجة الضريبية، حيث يتم مواجهة تلك التحديات مع خبراء متخصصين كل في مجاله.