حكومات أوروبا تكافح لمنع “فرار الأثرياء “
عندما تنهار الحكومات، يصبح من المهم ملاحظة القوانين التي تتمكن الوزارات من تمريرها رغم الأزمة.
ففي ألمانيا، عجز ائتلاف “إشارات المرور” المتهاوي عن التوصل إلى اتفاق بشأن سياسة المناخ أو الميزانية، لكنه وافق على تغيير واحد، ألا وهو ضريبة الخروج.
فمنذ الأول من يناير، يتعين على أي شخص يمتلك أكثر من 500 ألف يورو (520 ألف دولار) من الأموال الاستثمارية أن يدفع ضريبة دخل على الأرباح المكتسبة في ألمانيا إذا أراد سحب أمواله من البلاد.
ذكرت مجلة “ذا إيكونوميست” البريطانية أن حماسة ألمانيا لضريبة الخروج تتكرر في جميع أنحاء أوروبا، فقد أدخلت النرويج أيضاً تغييرات مع بداية العام الجديد.
ووفقاً للقواعد الجديدة، التي تعد الثانية من نوعها في غضون عامين، يتعين الآن على الأثرياء النرويجيين دفع ضرائب على الأرباح الموزعة إذا خططوا للبقاء خارج وطنهم.
وفي فرنسا، كان من شأن موازنة فاشلة أن تشدد ضريبة خروج يشتكي نواب اليسار من أنها تعرضت للتخفيف.
أما في هولندا، فقد طلب البرلمانيون من الحكومة دراسة إمكانية فرض ضريبة خروج خاصة بها.
يمكن أن تكون ضريبة الخروج أداة سياسية مفيدة، ففي النرويج، بعد إدخال ضريبة ثروة أعلى، انتقل العديد من الأثرياء إلى سويسرا، مما دفع بنك “دي إن بي”، وهو أكبر بنك نرويجي، إلى فتح مكتب في سويسرا، كما أن الحزب الاشتراكي أنشأ “جدار العار” للمغتربين.
وظهرت ضرائب الخروج كإجراء مالي حكيم (وسيلة لإلقاء اللوم على من غادروا البلاد).
في السنوات الأخيرة، تراجعت اقتصادات وأسواق الأسهم الأوروبية مقارنة بنظيراتها عبر الأطلسي، مما زاد من حوافز الاستثمار في الخارج ومن ضغوط الحكومات للبحث عن مصادر إيرادات جديدة.
لكن السؤال: كم تجلب ضرائب الخروج من أموال؟
الإجابة: ليس كثيراً، فالأثرياء يجدون حوافز كافية للبحث عن ثغرات قانونية.
جدير بالذكر أن القوانين الأوروبية تزيد الأمور تعقيداً.
يقول كريستيان كيمبجز، من شركة “جرانت ثورنتون”، إن القواعد الجديدة التي وضعتها قد تنتهك تشريعات الاتحاد الأوروبي التي تحمي حرية حركة رأس المال.
الخيارات القانونية الأخرى، مثل فرض ضريبة على المهاجرين فقط إذا باعوا أصولهم خلال عدد محدد من السنوات بعد مغادرتهم، تفتح المجال لتجنب الضرائب، وفقاً لأرون أدفاني من مؤسسة “سين تاكس” للأبحاث.
هذه المشكلات تنعكس على الإيرادات الفعلية.
تتوقع وزارة المالية النرويجية أن الضريبة المعدلة ستدر 120 مليون دولار سنوياً بمجرد انتهاء مدة تطبيقها البالغة 12 عاماً، وهو ما يعادل 0.04% فقط من إجمالي إيرادات الدولة في عام 2023.
لذلك، ليس مفاجئاً أن دولاً أخرى تخلت عن هذه الضرائب، ففنلندا والسويد قدمتا مقترحات مماثلة عندما بدأت النرويج في تعديل قوانينها، لكنها تراجعت عنها لاحقاً.
بالنسبة للنرويجيين الذين يشعرون بالإحباط من الشوكولاتة وجو الغناء في سويسرا، قد تكون هناك أنباء سارة، فأحزاب المعارضة تشكك في ضريبة الخروج، وتظهر استطلاعات الرأي أنها تتقدم في الانتخابات.